الإنسان هو موضوع الأدب غايته
الادب واحد من الفنون و من ارقاها و هو قادر من بينها على معرفة الواقع و تصويره بجوانبه كافة . و قد تمثلت ولادة الادب شكلاً اولياً بالاغاني و الحكايا في المجتمعات الانسانية البدائية ، و كان له ارتباط حميم منذ بداياته بالموسيقى من خلال الشعر .
و لما تتمتع به الحياة الاجتماعية من اهمية فقد ارتبط الادب بالدين في نشأته الاولى . و اثر ظهور الكتابة تأثيراً كبيراً في تطور الادب عندما تحول من أدب شفوي مسموع ( الاغاني و الحكايا ) الى ادب مكتوب مقروء منطوق . ومع انه فقد بهذا جانبه الموسيقي في امكانية الاستماع المباشر و هو يؤدي بدرجاته الصوتية الانفعالية كافة . و ان حيوية الاتصال بين المستقبل ( السامع ) و المرسل ( الراوي او المعني ) بحركاته و تعابير وجهه التي تشخص المعنى و تجسده فقد فقدت ايضاً ، غير ان هذا الادب قد اكتسب القدرة على الانتشار غير المحدود . و مع ظهور الادب تصدر الانسان قائمة موضوعاته ،و لم تظهر هذه الحقيقة بين ليلة وضحاها بل مرت بمراحل عدة حتى تجلت حقيقة واضحة ، فقد ارتبط هذا الموقف معتقدات عدد من الشعوب الارض و منهم الهنود القدامى الذين كانوا يؤمنون بفكرة الحلول ، و هي تجسد الإله ( براهما ) في شكل من اشكال الطبيعة ، فانعكس هذا في الفنون الهندية و ظهر فيها الانسان ضئيلاً في مواجهة تماثيل الآلهة الضخمة . و تطور ظهور الانسان في الادب عند الآشوريين فصار الانسان يقف على قدميه في محاولة منه لمعارضة الآلهة و الوقوف في وجهها ، و هذا ما نجده في ملحمة جلجمامش حيث يدخل البطل في صراع مع الآلهة غير انه لا ينتصر عليها في سعيه للحصول على الخلود ، الذي يظل للآلهة دون غيرها . و شهدت مكانة الانسان في ادب الاغريق تطور ا خرمهما عندما انتصر اوديب على الالهة توصل الى حل اللغز وتظهر كذلك محاولة الانسان ان يمتلك مصيره في الالياذة و الاوديسة و مع ذلك فقد ظل خاضعاً للقدر ، و بمجيء عصر النهضة الاوربي وجد الانسان السبيل الى التحرر وصار البطل الرئيس في الفن و الادب منذ ذلك الحين . ان تصوير الانسان في الادب في مراحل تطوره كافة ، وهب الادب القدرة على التعبير تعبيراً دقيقاً عن لمثل العليا لكل عصر ، ان هذا البطل الذي هو موضوع الادب يظهر للقارئ في عالمه المتنوع كله ، فالانسان هو موضوع الادب في كل ابعاده . و هذه الحقيقة تفرض على الادب وظيفة واضحة تتمثل في خدمة الانسان و تحقيق سعادته ، وقد تمكن الادب من تحقيق هدفه هذا عن طريق تجسيد الواقع و تفسيره و الحكم عليه . ان تجسيد الواقع يعين المتلقي على التعرف الحقيقي على النماذج الحياتية ووعيها و فمهمها بدقة . و هذا بالنتيجة يعني توسيع معارفه و تعميق خبراته . و اذا كان الانسان هو موضوع الادب و غايته ، فما مصدر هذا الادب ؟ ان الواقع هو مصدر الادب ، و الاديب هو المبدع الذي يعيش الواق و يتفاعل معه . فمحتوى الادب هو الوحدة العضوية المتماسكة التي تتمثل في انعكاس الواقع في ذات الاديب ، و هذا الانعكاس يتم من خلال عملية معقدة هي حصيلة فهم الاديب للواقع و ظروفه التي يعيشها و تجاربه و خبراته المختزنة في ذاكرته . أما من جهة التلقي فإن الواقع الذي يصوره الادب لا يمكن فهمه او ادراكه كما هو في الواقع او كما يبدو في الادب و انما من خلال تجربة المتلقي لخاصة ، و الظروف المادية التي تحيط به و من خلال مفاهيمه عن الخير و الشر ايضاً فصورة المطر مثلاً في قصيدة « انشودة المطر » للسياب لا تعكس الواقع الطبيعي كما هو على الاطلاق و انما تعكس هذا الواقع من خلال رؤية الشاعر له و هي رؤية محكومة بالعواطف و المشاعر و الانفعالات التي يعيشها الشاعر لحظة الابداع . ان هذا المحتوى الذي يقدمه الادب ليس رؤية موضوعية مجردة للواقع ، انه نتيجة للتفاعل بين الواقع الموضوعي و بين ذات الاديب موقفه من الحياة ، و الفهم الحقيقي لمحتوى الادب و لعلاقته الوثقى بالواقع هو السبيل الوحيد لتوضيح العلاقة بين الادب و المتلقي . ان واقعنا هذا الذي نعيشه هو شبكة علاقات معقدة ، و الانسان هو فرد في خلية ضخمة هي المجتمع و قدرة الانسان على اكتساب المعارف و الخبرات محدودة بالزمان و المكان و لابد له لإثراء معنى وجوده من رفد معارفه و خبراته باطلاعه على تجارب الآخرين ، و يشكل الادب افضل رافد لنا في زيادة الخبرة ، و هو لايقوم بهذه المهمة فقط و انما يساعدنا ايضاً على التحرر من موقفنا الذاتي الخاص في فهمنا للحياة و التعامل مع الآخرين عندما يقدم لنا مواقف الآخرين التي تختلف عنا و يدعونا الى التفكير بها لنكتشف غنى الحياة و تعدد المواقف الانسانية فيها . وهكذا فإن الإنسان هو موضوع الأدب وغايته بل هو موضوع الفنون كلها ،هو محورها وقطب الرحى فيها ،ولاسبيل الى وعيها وفهمها وانتشارها إذا تجاهلت هذه الحقيقة ،أو حاولت تجاوزها ،فأين منها مايكتب ويطبع وينشر منتحلاً زوراً صفة الأدب متجاوزاً هذه الحقيقة الراسخة التي لاسبيل الى الحيد عنها ؟ إنها دعوة للأدباء لإدراك هذه الحقيقة أولاً ،ثم الشروع بالكتابة
متمثلينها ثانياً .
و لما تتمتع به الحياة الاجتماعية من اهمية فقد ارتبط الادب بالدين في نشأته الاولى . و اثر ظهور الكتابة تأثيراً كبيراً في تطور الادب عندما تحول من أدب شفوي مسموع ( الاغاني و الحكايا ) الى ادب مكتوب مقروء منطوق . ومع انه فقد بهذا جانبه الموسيقي في امكانية الاستماع المباشر و هو يؤدي بدرجاته الصوتية الانفعالية كافة . و ان حيوية الاتصال بين المستقبل ( السامع ) و المرسل ( الراوي او المعني ) بحركاته و تعابير وجهه التي تشخص المعنى و تجسده فقد فقدت ايضاً ، غير ان هذا الادب قد اكتسب القدرة على الانتشار غير المحدود . و مع ظهور الادب تصدر الانسان قائمة موضوعاته ،و لم تظهر هذه الحقيقة بين ليلة وضحاها بل مرت بمراحل عدة حتى تجلت حقيقة واضحة ، فقد ارتبط هذا الموقف معتقدات عدد من الشعوب الارض و منهم الهنود القدامى الذين كانوا يؤمنون بفكرة الحلول ، و هي تجسد الإله ( براهما ) في شكل من اشكال الطبيعة ، فانعكس هذا في الفنون الهندية و ظهر فيها الانسان ضئيلاً في مواجهة تماثيل الآلهة الضخمة . و تطور ظهور الانسان في الادب عند الآشوريين فصار الانسان يقف على قدميه في محاولة منه لمعارضة الآلهة و الوقوف في وجهها ، و هذا ما نجده في ملحمة جلجمامش حيث يدخل البطل في صراع مع الآلهة غير انه لا ينتصر عليها في سعيه للحصول على الخلود ، الذي يظل للآلهة دون غيرها . و شهدت مكانة الانسان في ادب الاغريق تطور ا خرمهما عندما انتصر اوديب على الالهة توصل الى حل اللغز وتظهر كذلك محاولة الانسان ان يمتلك مصيره في الالياذة و الاوديسة و مع ذلك فقد ظل خاضعاً للقدر ، و بمجيء عصر النهضة الاوربي وجد الانسان السبيل الى التحرر وصار البطل الرئيس في الفن و الادب منذ ذلك الحين . ان تصوير الانسان في الادب في مراحل تطوره كافة ، وهب الادب القدرة على التعبير تعبيراً دقيقاً عن لمثل العليا لكل عصر ، ان هذا البطل الذي هو موضوع الادب يظهر للقارئ في عالمه المتنوع كله ، فالانسان هو موضوع الادب في كل ابعاده . و هذه الحقيقة تفرض على الادب وظيفة واضحة تتمثل في خدمة الانسان و تحقيق سعادته ، وقد تمكن الادب من تحقيق هدفه هذا عن طريق تجسيد الواقع و تفسيره و الحكم عليه . ان تجسيد الواقع يعين المتلقي على التعرف الحقيقي على النماذج الحياتية ووعيها و فمهمها بدقة . و هذا بالنتيجة يعني توسيع معارفه و تعميق خبراته . و اذا كان الانسان هو موضوع الادب و غايته ، فما مصدر هذا الادب ؟ ان الواقع هو مصدر الادب ، و الاديب هو المبدع الذي يعيش الواق و يتفاعل معه . فمحتوى الادب هو الوحدة العضوية المتماسكة التي تتمثل في انعكاس الواقع في ذات الاديب ، و هذا الانعكاس يتم من خلال عملية معقدة هي حصيلة فهم الاديب للواقع و ظروفه التي يعيشها و تجاربه و خبراته المختزنة في ذاكرته . أما من جهة التلقي فإن الواقع الذي يصوره الادب لا يمكن فهمه او ادراكه كما هو في الواقع او كما يبدو في الادب و انما من خلال تجربة المتلقي لخاصة ، و الظروف المادية التي تحيط به و من خلال مفاهيمه عن الخير و الشر ايضاً فصورة المطر مثلاً في قصيدة « انشودة المطر » للسياب لا تعكس الواقع الطبيعي كما هو على الاطلاق و انما تعكس هذا الواقع من خلال رؤية الشاعر له و هي رؤية محكومة بالعواطف و المشاعر و الانفعالات التي يعيشها الشاعر لحظة الابداع . ان هذا المحتوى الذي يقدمه الادب ليس رؤية موضوعية مجردة للواقع ، انه نتيجة للتفاعل بين الواقع الموضوعي و بين ذات الاديب موقفه من الحياة ، و الفهم الحقيقي لمحتوى الادب و لعلاقته الوثقى بالواقع هو السبيل الوحيد لتوضيح العلاقة بين الادب و المتلقي . ان واقعنا هذا الذي نعيشه هو شبكة علاقات معقدة ، و الانسان هو فرد في خلية ضخمة هي المجتمع و قدرة الانسان على اكتساب المعارف و الخبرات محدودة بالزمان و المكان و لابد له لإثراء معنى وجوده من رفد معارفه و خبراته باطلاعه على تجارب الآخرين ، و يشكل الادب افضل رافد لنا في زيادة الخبرة ، و هو لايقوم بهذه المهمة فقط و انما يساعدنا ايضاً على التحرر من موقفنا الذاتي الخاص في فهمنا للحياة و التعامل مع الآخرين عندما يقدم لنا مواقف الآخرين التي تختلف عنا و يدعونا الى التفكير بها لنكتشف غنى الحياة و تعدد المواقف الانسانية فيها . وهكذا فإن الإنسان هو موضوع الأدب وغايته بل هو موضوع الفنون كلها ،هو محورها وقطب الرحى فيها ،ولاسبيل الى وعيها وفهمها وانتشارها إذا تجاهلت هذه الحقيقة ،أو حاولت تجاوزها ،فأين منها مايكتب ويطبع وينشر منتحلاً زوراً صفة الأدب متجاوزاً هذه الحقيقة الراسخة التي لاسبيل الى الحيد عنها ؟ إنها دعوة للأدباء لإدراك هذه الحقيقة أولاً ،ثم الشروع بالكتابة
متمثلينها ثانياً .